الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.[سورة الأنبياء: الآيات 76- 82]: {وَنُوحًا إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (77) وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًا آتَيْنا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الأرض الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شيء عالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ (82)}..اللغة: {الْحَرْثِ}: الزرع وبابه نصر أو كتب كما في المختار وفي القاموس: الحرث مصدر والأرض التي تستنبت بالبذر والنوى والغرس قال ابن عباس وأكثر المفسرين إن الحرث كان كرما قد تدلت عناقيده وقيل كان زرعا.{نَفَشَتْ}: تفرقت وانتشرت فيه فرعته وأفسدته وفي المختار:نفشت الغنم والإبل أي رعت ليلا بلا راع من باب جلس... والنفش بفتحتين اسم منه ومنه قوله تعالى: {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} ولا يكون النفش إلا بالليل ونفش الصوف والقطن من باب نصر والنفش تشعيب الشيء بأصابعك حتى ينتشر.{لَبُوسٍ}: اللبوس اللباس قال: البس لكل حال لبوسها والمراد الدرع، قال قتادة: كانت صفائح فأول من سردها وخلقها داود فجمعت الخفة والتحصين وهي المسماة بالدرع والدرع كما في المختار مؤنثة، وقال أبو عبيدة تؤنث وتذكر..الإعراب: {وَنُوحًا إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} {ونوحا} عطف على {لوطا} فيكون مشتركا معه في عامله الذي هو آتينا المفسر بآتينا الظاهر وكذلك داود وسليمان والتقدير ونوحا آتيناه حكما وداود وسليمان آتيناهما حكما فإذ بدل اشتمال من نوحا وداود وسليمان ولك أن تعربه مفعولا به لفعل محذوف أي واذكر نوحا وداود وسليمان أي اذكر خبرهم وقصتهم فتكون إذ منصوبة بنفس المضاف المقدر أي خبرهم الواقع في وقت كذا، وجملة نادى مضاف إليها ومن قبل متعلقان بنادى فاستجبنا عطف على نادى و{له} متعلقان باستجبنا، {فنجيناه} عطف على استجبنا و{من الكرب} متعلقان بنجيناه و{العظيم} صفة. {وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ} {ونصرناه} فعل وفاعل ومفعول به و{من القوم} متعلقان بنصرناه و{الذين} صفة للقوم وجملة {كذبوا بآياتنا} صلة وان واسمها وجملة {كانوا} خبرها وجملة {انهم} تعليلية لا محل لها و{قوم سوء} خبر {كانوا} {فأغرقناهم} عطف على ما تقدم و{أجمعين} تأكيد للهاء.{وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ} {وداود وسليمان} تقدم إعرابهما و{إذ} ظرف بدل من المضاف المحذوف أي اذكر قصة داود وسليمان وجملة {يحكمان} مضافة إليها و{في الحرث} متعلقان بيحكمان و{إذ} ظرف متعلق بدل من المضاف المحذوف وجملة {نفشت} مضاف إليها و{فيه} جار ومجرور متعلقان بنفشت و{غنم القوم} فاعل وستأتي خلاصة القصة في باب الفوائد، {وكنا} الواو عاطفة وكان واسمها و{شاهدين} خبرها و{لحكمهم} متعلقان بشاهدين وجمع الضمير لأنه أرادهما والمتحاكمين إليهما، أو انه ضمير يراد به المثنى وانما وقع الجمع مقام التثنية مجازا أو لأن التثنية جمع وأقل الجمع اثنان، ويدل على أن المراد التثنية قراءة ابن عباس {لحكمهما} بصيغة التثنية. {فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْمًا وَعِلْمًا} {ففهمناها} عطف على {يحكمان} لأنه بمعنى الماضي أي فهمناه الصواب فيها {وفهمناها} فعل وفاعل ومفعول به و{سليمان} مفعول به ثان و{كلّا} مفعول أول مقدم لآتينا و{حكما وعلما} مفعول به ثان لآتينا. {وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ} {وسخرنا} فعل وفاعل و{مع} ظرف مكان متعلق بـ {سخرنا} و{داود} مضاف إليه و{الجبال} مفعول به وجملة {يسبحن} حالية من {الجبال} أي مسبحة ويجوز أن تكون مستأنفة {والطير} عطف على {الجبال} أو مفعول معه {وكنا} الواو عاطفة وكان واسمها و{فاعلين} خبرها. {وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ} {وعلمناه} عطف على ما تقدم {وعلمناه} فعل وفاعل ومفعول به و{صنعة} مفعول ثان لعلمناه و{لبوس} مضاف و{لكم} يجوز أن تتعلق بمحذوف صفة للبوس فاللام للتمليك ويجوز أن تتعلق بعلمناه فتكون اللام للتعليل وعلى هذا يكون قوله: {لتحصنكم} بدلا باعادة اللام أي لكم ولإحصانكم، وعلى الوجه الأول يتعلق قوله: {لتحصنكم} بعلمنا، و{لتحصنكم} اللام للتعليل وتحصنكم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والفاعل مستتر تقديره هي والكاف مفعول به و{من بأسكم} متعلقان بتحصنكم والفاء استئنافية و{أنتم} مبتدأ و{شاكرون} خبر.{وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الأرض الَّتِي بارَكْنا فِيها} الواو عاطفة و{لسليمان} متعلقان بفعل محذوف تقديره سخرنا و{الريح} مفعول به للفعل المحذوف المفهوم من قوله تعالى: {وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ} و{عاصفة} حال وجملة {تجري بأمره} حال ثانية و{إلى الأرض} متعلقان بتجري و{التي} صفة وجملة {باركنا فيها} صلة. {وَكُنَّا بِكُلِّ شيء عالِمِينَ} الواو عاطفة، و{كنا}: كان واسمها و{بكل شيء} متعلقان بعالمين و{عالمين} خبرها. {وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} {ومن الشياطين} خبر مقدم و{من} يجوز أن تكون موصولة أو موصوفة مبتدأ مؤخر ولك أن تعطفها نسقا على {الريح} وجملة {يغوصون} صلة أو صفة وجمع الضمير حملا على معنى {من} وحسّن ذلك تقدم جمع ما قبله و{له} متعلقان بيغوصون. {وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ} {ويعملون} عطف على {يغوصون} و{عملا} مفعول به أو مفعول مطلق و{دون} ظرف متعلق بمحذوف صفة و{ذلك} مضاف إليه و{كنا} كان واسمها و{حافظين} خبرها و{لهم} متعلقان بحافظين..البلاغة: في قوله تعالى: {وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ} الخ فن جمع المختلف والمؤتلف، وهو عبارة عن أن يريد المتكلم التسوية بين ممدوحين فيأتي بمعان مؤتلفة في مدحهما ثم يروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر بزيادة فضل لا ينقص مدح الآخر فيأتي لأجل ذلك الترجيح بمعان تخالف معاني التسوية، وقبل أن نتحدث عن الآية نورد أبياتا للخنساء توضح هذا الفن بجلاء نظمتها في أخيها صخر وقد أرادت مساواته في الفضل بأبيها مع مراعاة حق الوالد بزيادة فضل لا ينقص بها مدح الولد فقالت:فلنتكلم الآن على الآية والأبيات معا لتتضح لك حقيقة هذا الفن العجيب: ففي الآية ساوى أول الآية بين داود وسليمان عليهما السلام في أهلية الحكم ثم رجح آخرها سليمان حيث يقول: {فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ} وحصل الالتفات إلى مراعاة فأتى بما يقوم مقام تلك الزيادة التي يرجح بها سليمان لترشد إلى المساواة في الفضل لتكون فضيلة السن وما يستتبعها من وفرة التجارب وحنكة الحياة قائمة مقام الزيادة التي رجح بها سليمان في الحكم أما معنى شعر الخنساء فإنها بعد قولها في المساواة: وبعد قولها فيها أيضا: تريد أن عذر اللجم لز بعضها بعضا والعذر جميع عذار وهو السير الذي يكون على خد الدابة من اللجام وهذا يدل على المساواة في العدو ثم قالت في ترجيح الوالد: تعني أنه خرج وجهه من الغبار دون وجه رسيله سبقا.ثم قالت في الحاق الولد بالوالد في الفضل: تريد أن الولد كان قادرا على مساواة الوالد لولا ما التزمه من الأدب مع برّ أبيه، ومعرفته بحقه، فغض من عنانه وخفض جناح فضله ليؤثر أباه بالفضل على نفسه.والآية الكريمة ساوت بين داود وسليمان في التأهل للحكم وشركت بينهما فيه حيث قالت: {إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ} وأخبرت ان اللّه سبحانه فهم سليمان إصابة الحكم ففضل أباه بذلك بعد المساواة ثم التفت سبحانه، إلى مراعاة حق الوالد فقال: {وَكُلًّا آتَيْنا حُكْمًا وَعِلْمًا} فرجعا بذلك إلى المساواة بعد ترجيح سليمان ليعلم الولد بذلك بر الوالد ويعرفه ما له عليه من الحق حتى إذا فكر الناظر في هذا الكلام وقال: من أين جاءت المساواة في الحكم والعلم بعد الاخبار بأن سليمان فهم من الحكم ما لم يفهمه أبوه؟ علم أن حق الأبوة قام مقام تلك الفضيلة فحصلت المساواة وحصل في هذا الكلام من الزيادة على معنى الخنساء بعد اشتراكهما في جمع المختلف والمؤتلف ضرب آخر من المحاسن يقال له الالتفات وذلك في قوله تعالى فيها {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ} وأدمج في هذا الالتفات ضربا آخر من المحاسن يقال له التنكيت فإن النكتة التي من أجلها جمع الضمير الذي كان من حقه أن يكون مثنى هي الإشارة إلى أن هذا الحكم متبع يجب الاقتداء به لأنه عين الحق ونفس العدل وكيف لا يكون كذلك وقد أخبر سبحانه أنه شاهد له أي هو مراعى بعينه عز وجل ويجوز أن يكون جمع الضمير الذي أضيف إليه الحكم من أجل أن الحكم يستلزم حاكما ومحكوما له ومحكوما عليه فجمع الضمير لأجل ذلك.هذا ومن طريف ما قيل في جمع المؤتلف والمختلف قول الخبز أرزي واسمه نصر اللّه بن أحمد البصري وكان أميا يخبز خبز الأرز في البصرة وبنشد أشعار الغزل فقد قال: فقد سوى بينهما أولا ثم رجع ففضل الحبيب على الهلال. .الفوائد: قصة حكم داود وسليمان في الحرث:سنلخص قصة حكومة داود وسليمان في الحرث لما انطوت عليه من طرافة لتكون حافزا لأقلام كتاب القصة على ترجمتها على غرار قصة أهل الكهف فقد روى التاريخ: أن رجلين دخلا على داود عليه السلام أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم فقال صاحب الحرث ان هذا انفلتت غنمه فوقعت في حرثي فأفسدته فلم تبق منه شيئا فأعطاه داود رقاب الغنم في الحرث فخرجا فمرا على سليمان وهو ابن احدى عشرة سنة فقال: كيف قضى بينكما؟ فأخبراه فقال سليمان لو وليت أمركما لقضيت بغير هذا وروي انه قال: غير هذا أرفق بالفريقين فأخبر بذلك داود فدعاه فقال: كيف تقضي، ويروى أنه قال بحق النبوة والأبوة إلا ما أخبرتني بالذي هو أرفق بالفريقين، قال: أدفع الغنم إلى صاحب الزرع ينتفع بدرها ونسلها وصوفها ويبذر صاحب الغنم لصاحب الحرث مثل حرثه فإذا صار الحرث كهيئته دفع إلى أهله وأخذ صاحب الغنم غنمه فقال داود: القضاء ما قضيت كما قال تعالى: {فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ} أي علمناه القضية ويروى قال سليمان أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الحرث ينتفعون بألبانها وأولادها وأصوافها والحرث إلى أرباب الشاء يقومون عليه حتى يعود كهيئته يوم أفسد ثم يتراد ان فقال: القضاء ما قضيت وامضى الحكم بذلك.الحكم بالشريعة الاسلامية:أما حكم هذه القضية في الشريعة الاسلامية فقد تساءل عنه الزمخشري في كشافه فقال: فإن قلت: فلو وقعت هذه الواقعة في شريعتنا ما حكمها؟ قلت: أبو حنيفة وأصحابه رضي اللّه عنهم لا يرون فيه ضمانا بالليل أو بالنهار إلا أن يكون مع البهيمة سائق أو قائد، والشافعي رضي اللّه عنه يوجب الضمان بالليل.بقي هنا سؤال وهو لما ذا استعمل ضمير الجمع لاثنين في قوله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ}.وفي الجواب قولان أولهما أن المراد المثنى ولو وقع الضمير جمعا لأن التثنية أقل الجمع والثاني أن المصدر المضاف انما هو مضاف للحاكمين وهما داود وسليمان والمحكوم عليه، فهؤلاء جماعة ولَكِن فيه على هذا إضافة المصدر إلى فاعله ومفعوله دفعة واحدة وهما انما يضاف إلى أحدهما فقط وفيه الجمع بين الحقيقة والمجاز فان الحقيقة إضافة المصدر إلى فاعله والمجاز إضافته إلى مفعوله.ومن عجائب حكم سليمان ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «بينا امرأتان معهما ابناهما إذ جاء الذئب فذهب بأحدهما فقالت هذه: إنما ذهب بابنك وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك فاختصمتا إلى داود عليه السلام فقضى به للكبرى فمرتا على سليمان فأخبرتاه فقال: ائتياني بسكين أشقه بينكما فقالت الصغرى: لا ويرحمك اللّه فقضى به للصغرى». قال أبو هريرة: واللّه إن كنت سمعت متعة التي أحب أن ترجع اليها في ديوانه:وهو في الشعر كثير نجتزى منه بهذا المثال. .[سورة الأنبياء: الآيات 83- 88]: {وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (84) وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}..الإعراب: {وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} {وأيوب} مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر وهو على حذف مضاف أي اذكر خبر أيوب، و{إذ} بدل من خبر أي من المضاف المقدر وجملة {نادى ربه} مضاف إليه، و{ربه} مفعول {نادى} و{أني} أن وما في حيزها نصب بنزع الخافض أي بأني وان واسمها وجملة {مسني الضر} خبر أن و{أنت} الواو حالية وأنت مبتدأ و{أرحم} خبر و{الراحمين} مضاف إليه وستأتي في باب الفوائد. {فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ} الفاء عاطفة واستجبنا فعل وفاعل و{له} متعلقان باستجبنا، {فكشفنا} عطف على فاستجبنا و{ما} مفعول به و{به} صلة {ما} و{من ضر} حال. {وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ} {وآتيناه} فعل وفاعل ومفعول به و{أهله} مفعول به ثان {ومثلهم} عطف على {أهله} أو مفعول معه و{معهم} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال أي كائنين معهم {ورحمة} مفعول من أجله ويجوز أن يكون مصدرا لفعل مقدر أي رحمناه رحمة والأول أرجح و{من عندنا} صفة لرحمة {وذكرى} عطف على {رحمة} و{للعابدين} متعلقان بذكرى. {وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ} {وإسماعيل} مفعول به لفعل محذوف أي واذكر ويجوز أن يعطف نسقا على من تقدم من الأنبياء وإدريس عطف على إسماعيل وذا الكفل عطف أيضا وسيأتي سبب تسميته بذلك في باب الفوائد و{كل} مبتدأ و{من الصابرين} خبره. {وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ} الجملة معطوفة وان واسمها و{من الصالحين} خبرها. {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} {وذا النون} مفعول به لفعل محذوف أو معطوف نسقا على من تقدم وسيأتي بحثه في باب الفوائد، و{إذ} بدل من المضاف المحذوف كما تقدم وجملة {ذهب} مضاف إليها و{مغاضبا} حال أي لقومه لا لربه أي انه غضب عليهم لما كابده منهم، {فظن} الفاء عاطفة وظن معطوف على ذهب أي تركهم وذهب دون أن يؤذن له وفاعل ظن مستتر تقديره هو و{أن} مخففة من الثقلية واسمها ضمير الشأن وجملة {لن نقدر عليه} خبر وسيأتي معنى لن في باب الفوائد كما ستأتي خلاصة قصته. {فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} {فنادى} عطف على ظن و{في الظلمات} متعلقان بمحذوف حال و{أن} مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وجملة {لا إله إلا أنت} هي الخبر ويجوز أن تكون مفسرة لأن النداء فيه معنى القول دون حروفه و{سبحانك} مفعول مطلق لفعل محذوف والجملة حالية و{إني} ان واسمها والجملة تعليلية وجملة {كنت من الظالمين} خبر {إني} و{من الظالمين} خبر {كنت} {فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} {فاستجبنا} عطف على ما تقدم و{له} متعلقان باستجبنا {ونجيناه} فعل وفاعل ومفعول به و{من الغم} متعلقان بنجيناه {وكذلك} الكاف نعت لمصدر محذوف و{ننجي المؤمنين} فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به.
|